2500 حالة عنف بسبب حشيشة رمضان استقبلها الاستعجالي

ونحن ندلف إلى قسم الاستعجالي بشارل نيكول بعيد أذان المغرب بقليل... كانت الأجواء «الاستعجالية» التي باتت مألوفة لدى التونسي تخيّم على المكان... الفوضى العارمة... الغوغاء... صراخ الأطفال الذي يعجّ به المكان... التزاحم والتدافع أمام نافذة التسجيل... التوتر المرسوم على ملامح الإطار الطبي وشبه الطبي بفعل إلحاح المرضى وإرهاق العمل... جو مشحون زاده غياب التكييف تكهربا بحيث تشعر أن الكلّ يعاني من الشدّ العصبي...

عون التسجيل المنكب على الاستجابة لطلبات تسجيل المرضى كان يحاول التركيز في عمله الذي يبدو صعبا خاصّة مع تعالي الصراخ والفوضى أمام النافذة وإلحاح ذوي المرضى في الدخول بالإضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة الذي لم تنجح في تلطيفه المروحة المحشورة في ركن المكتب...

عند سؤالنا إياه عن عدد الحالات التي تفد على الاستعجالي كل ليلة، أجاب «نستقبل كل ليلة معدّل 140 حالة مرضية هذا دون ذكر الحالات النهارية ...فالى حد هذه الساعة (التاسعة ونصف) سجّلنا 80 مريضا أحدهم كان مطعونا بسكين في معركة مع أحد الأجوار «وأضاف محدثنا» عموما ترتفع حالات العنف في رمضان حتّى بين الأزواج نتيجة «حشيشة» رمضان «فيوميا نستقبل عشرات المعنفين أقارب، أجوار، وأزواج والكل اشترك في لحظات استبداد الغضب وانفلات الأعصاب الذي يسفر في أغلب الحالات عن حالات عنف جسيمة الضرر وقد تتطلّب التدخّل الجراحي...

عند الباب كانت تستعر مجادلة حامية الوطيس بين شاب وعون حراسة كان يزمجر غضبا ويتوعّد الشاب بالويل والثبور ثم ينصرف غاضبا وهو يلعن لقمة العيش التي رمت به إلى هذه المهنة التي لم يجن منها إلا المتاعب... الشاب الذي بقي مرابطا بالمكان توجهنا له بالسؤال حول سرّ تواجده بالاستعجالي، فأجاب بنبرة لا تخلو من الامتعاض «سقطت أختى على كتفها قبيل أذان المغرب... وبعد وقت وجيز استبدت بها الآلام فهرعنا إلى الاستعجالي وها نحن نعيش لحظات الانتظار المرير منذ ساعات دون أن يبالي أحد بأوجاعها... وعون الحراسة أصبح هو الفاتق الناطق في القسم و«يدخّل في العباد بالمعارف».

5 آلاف حالة في عشرين يوما

عندما سألنا السيّد الشارني بوذراع الناظر العام الليلي لمستشفى شارل نيكول الليلي , عن شهر الصيام وتأثيره على الحالات الاستعجالية التي ترد على المستشفى أجاب «قسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول من أكبر الأقسام الاستعجالية بالبلاد ويرده يوميا مئات المرضى فمعدّل استقبال المرضى يوميا يربو عن 250 حالة منها أكثر من 150 حالة ليلية... وبالنسبة للإطار الطبي والشبه طبي لدينا طبيبي جراحة و3 أطباء أمراض باطنية (أمراض مزمنة مثل ضغط الدمّ والسكري) وطبيب صحة عمومية وطبيب جراحة مختص وبالنسبة للإطار الشبه الطبي هناك 8 ممرضين و4 عمّال وفني في الأشعة وفنيّ مخبر وفني صيدلة... كما لدينا في العشرة أيام الأخيرة من الشهر اختصاص بالتناوب مع مستشفى الحبيب ثامر والرابطة وهو عيادة الأنف والأذن والحنجرة «وقد أفادنا السيّد بوذراع أن ساعات عمل الطبيب المناوب بقسم الاستعجالي قد تمتد إلى 36 ساعة عمل دون انقطاع تبدأ عند الساعة السابعة صباحا إلى الساعة الرابعة من يوم الغد وقد سألنا السيد بوذراع عن التأثير السلبي لذلك على الأطباء بحيث أن الإرهاق الناتج عن طول ساعات العمل قد يسهم في انخفاض أداء الأطباء فأفادنا «أن نظام عمل الأطباء هذا معمول به في فرنسا إلا انه وقع أخيرا التخلي عنه لأنه لم يثبت جدواه» وعن عدد الحالات الواردة عن القسم خلال الأيام المنقضية من شهر رمضان أفاد محدّثنا أنه إذا احتسبنا معدّل الحالات الواردة علينا والتي تقدّر ب250 حالة يوميا نجد أنه في عشرين يوما نسجّل أكثر من 5000 حالة مرضية.

للعنف النصف

وعن طبيعة هذه الحالات المرضية التي ترد على قسم الاستعجالي بشارل نيكول وهل هناك ما يميزها عن الحالات التي يستقبلها القسم في الأيام العادية أفاد محدثنا «فعلا تختلف الحالات عن تلك المعهودة في الأيام العادية... حيث ترتفع معدلات العنف بشكل ملحوظ لتصل إلى ما يناهز ال50 بالمائة من الحالات الواردة علينا وهي ناتجة عن ثورات غضب يعللّها أصحابها بـ «حشيشة» رمضان ومنها العنف الزوجي... كما ترتفع نسب حوادث المرور خاصّة في الليل نتيجة السهرات الرمضانية خارج المنزل.

أمّا بالنسبة للحالات الناتجة عن الصيام فهي بنسبة 30 بالمائة التعكرات الصحية لمرضى الكلى والمجاري البولية بحيث يكون نقص السوائل في الجسم وخاصّة الماء نتيجة الصيام عاملا مهما في هذه الحالات المرضية بالإضافة إلى الأمراض الباطنية المزمنة كضغط الدمّ والسكري بنسبة 20 بالمائة... كما سجلنا حالات جفاف من الماء لدى الشيوخ وحالات إسهال لدى الأطفال في الأيام الأخيرة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة»...

وللتمارض نصيب...

لم يخف محدثنا أن الكثير من الحالات والتي تعدّ بالعشرات هي من قبيل التمارض الوهمي للحصول على شهادة طبية تبرّر الغياب عن العمل مثلا ...إلا أن هذه الحالات لا تنطلي عن الإطار الطبي... وعن الحالات الغائبة في رمضان فهي الحالات المتعلّقة بالعنف المادي أو بحوادث المرور الناجمة عن حالات السكر.

Commentaires

Articles les plus consultés